الخميس، 16 مايو 2013

علامة الشيعة الحلي يقطع لسان ياسر الحبيب وأتباعه بتبرئة أم المؤمنين عائشة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فأحمد الله تعالى ليلاً ونهاراً على توفيقه إياي في الوقوف على نص مهم وحاسم لعلامة الشيعة ابن المطهر الحلي في تبرئة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه ليقطع بذلك ألسنة الطاعنين والمتطاولين عليهم من الله ما يستحقون ...
وقد أورده في كتابه ( أجوبة المسائل المهنائية ) ( ص 121 - 122 ) في المسألة رقم ( 14 ) وذلك في مقطعين وكما يلي:


المقطع الأولى: يثبت اتفاق العلماء بأن آيات الإفك نزلت في تبرئة عائشة رضي الله عنها
وذلك بجوابه عن سؤال نصه:
[ ما يقول سيدنا في قصة الإفك والآيات التي نزلت ببراءة المقذوفة ، هل ذلك عند أصحابنا كان في عائشة أم نقلوا أن ذلك كان في غيرها من زوجات النبي صلى اللَّه عليه وآله ].
فكان جوابه هو:
[ الجواب ما عرفتُ لأحد من العلماء خلافا في أن المرادَ بها عَائِشَةُ ].



المقطع الثاني: إقراره بعدم صدور الفاحشة من أزواج الأنبياء عليهم السلام
وذلك بجوابه عن سؤال نصه:
[ ما يقول سيدنا في عصمة نساء الأنبياء عليهم السلام ، هل هي واجبة في حقهن فلا يجوز ذلك عليهن أم يجوز ذلك ولم يقع منهن ، إذ لو كان لا يجوز عليهن لكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لما قذفت زوجته أخبر بأن ذلك لا يجوز عليها ، ولكنه عليه السلام بقي أياما والناس يخوضون في ذلك حتى نزل الوحي ببراءتها ].
فكان جوابه هو:
[ الجواب لم يشترط أحد من العلماء عصمة النساء اللواتي للأنبياء عليهم السلام عن الزنا ، لكن اللائق بعصمة النبوة نزاهتهن عن ذلك وسلامتهن منه ، ولم يقع من واحدة منهن ذلك ]


فالحمد لله الذي أنطق علامتهم - المتتبع الخبير - ابن المطهر الحلي بالحق في براءة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من المطاعن التي يرددها كل من ياسر الحبيب وآيتهم محمد جميل حمود العاملي وأذنابهم عليهم من الله تعالى ما يستحقون.
كتبه عبد الملك الشافعي

الاثنين، 13 مايو 2013

بيان فضل الصحابة (رضي الله عنهم) وواجب المسلمين نحوهم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , واشهد أن لا اله إلا الله وحده , لا شريك له , واشهد أن محمداً عبده ورسوله. (صلى الله عليه وسلم).

أما بعد:

فان من المعلوم الذي يعرفه الخاص والعام , وهو مما علم بالضرورة من دين الإسلام فضل صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وعلى مكانتهم , ورفعه درجتهم , رضي اله عنهم – وهذا مما تكاثرت به الأدلة من الكتاب والسنة, ومن ذلك ما يلي :
1-     قال الله تعالى )مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح:29)
1-
وهذه الآية الكريمة تشمل الصحابة كلهم- رضي الله عنهم , لأنهم جميعاً كانوا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
2-     وقال تعالي : ) لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(الحديد: من الآية10)
 وهذه الآية أيضا شاملة لكل الصحابة – رضي الله عنهم – لمن انفق قبل فتح مكة وقاتل, ولمن انفق بعد الفتح وقاتل,  كلهم وعدهم الله بالحسنى , والحسنى هي الجنة , كما قال الله تعالى : )لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس:26)
ولذلك فسر المؤلف ( الحسنى) بالجنة , كما قال ذلك أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – وغيره.
قال أبو جعفر أبو جرير في (تفسيره) (11/108): أولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تبارك وتعالى وعد المحسنين من عباده على إحسانهم ( الحسنى) وأن يجزيهم على طاعته إياه (الجنة).
والذي قال ابن جرير واضح , يشهد له ما تقدم , وما سيأتي إن شاء الله تعالى.
3-     وقال تعالى : )وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100)
3-وهذه الآية أيضا شاملة للصحابة كلهم – رضي الله عنهم –
ويؤيد ما تقدم ما جاء في السنة :
4-     فقد أخرج البخاري (3673) ومسلم (2541) كلاهما من طريق الاعمش عن أبى صالح عن آبي سعيد قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء , فسبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تسبوا أحدا من أصحابي , فأن أحدكم  لو انفق مثل أحد ذهباً مما أتدرك مد أحدهم ولا نصيفه ) وهذا لفظ مسلم.
وهذا الحديث شامل للصحابة كلهم – رضي الله عنهم – لأنه صلى الله عليه وسلم, : قال ( لا تسبوا أحدا من أصحابي).
ولذلك بوب عليه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه .- كما في (الإحسان)  (16/238) -: ذكر الخبر الدال على أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم , كلهم ثقلت عدول .
وأما توجيه الحطاب لخالد بن الوليد – رضي الله عنه – ولغيره فهذا لا يفيد خروجه من الصحابة ,  بل هو بالإجماع صحابي جليل, وانما المقصود الصحبة الخاصة , كما قال صلى اله عليه وسلم لعمر بن الخطاب – رضي الله عنه – (فهل انتم تاركي لي صحابي ؟) مرتين . أخرجه بالبخاري (3649)  من حديث أبى إدريس عن أبى الدرداء – رضي الله عنه- .
5-     واخرج البخاري (3649) ومسلم (2532) كلاهما من حديث عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله عن أبى سعيد الخدري  عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال: (يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس , فيقال لهم: فيكم من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم؟    فيقولون نعم , فيفتح لهم , ثم يغزو فئام من الناس , فيقال لهم فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون نعم , فيفتح لهم , ثم يغزو فئام من الناس , فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم , فيفتح لهم ) وهذا اللفظ لمسلم .
أخرجه مسلم (2523) من طريق أبى الزبير عن جابر قال : زعم أبو سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يأتي على الناس زمان يبعث منهم البعث , فيقولون انظروا هل تجدون فيكم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيوجد الرجل , فيفتح لهم به . ثم يبعث البعث الثاني , فبقولون : هل فيهم من رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيفتح لهم به , ثم يبعث البعث الثالث , فيقال: انظروا هل ترون فيهم من رأى من رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ ثم يكون البعث الرابع, فيقال: انظروا هل ترون فيهم أحدا رأى من رأى أحدا رأى أصحاب النيى صلى الله عليه وسلم؟ فيوجد الرجل فيفتح لهم به) وهذا شامل أيضا للصحابة كلهم- رضي الله عنهم- 
6- ومن فضل الصحابة – رضي الله عنهم – انهم أمنة للامة , أخرج مسلم, (2531) من فريق سعيد بن أبى بردة عن أبيه – رضي الله عنه- قال: صلينا المغرب مع الرسول صلى الله عليه وسلم, فرفع رأسه إلى السماء , فقال: ( النجوم أمنة للسماء , فإذا ذهبت النجوم أتي السماء ما توعد , وأنا أمنة لاصحابي , فإذا ذهبت أتى أصحابي ما بوعدون , واصحابي أمنة , لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتي أمتي ما يوعدون)
وهذا أيضا يشمل الصحابة كلهم- رضي الله عنهم – لان الحديث عام فيهم, ولم يخص أحدا منهم دون أتحد.
ويؤيد ما تقدم ما رواه احمد (4/363) والطبراني في (الكبير ) (2438) والحاكم (4/80) وصححه , وابو نعيم في ( أخبار أصبهان)  (10/145) كلهم من طريق الشورى عن الاعمش عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير بن عبد الله – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: ( الطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف , بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة والمهاجرون والإعصار بعضهم الياء بعض في الدنيا والآخرة).
إسناده قوي , وفي هذا الحديث ذكر الصحابة كلهم, المهاجرين والأنصار والطلقاء والعتقاء وانه صلى الله عليه وسلم  , اثبت لهم الولاية بعضهم مع البعض الآخر في الدنيا والآخرة.
وقوله صلى الله عليه وسلم  , (والآخرة) يفيد صحة إسلامهم وإيمانهم, وذلك انه لم يثبت لهم الولاية في الدنيا فقط , بل وفي الآخرة والله أعلم .
وهذا الحديث معناه في كتاب الله , قال تعالى: )وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (لأنفال75:74)
 فتبين مما تقدم ثنا الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم  - على الصحابة كلهم – رضي الله عنهم , ولا شك أن الله تعالى بعلمه للغيب اختار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  ,
     أخرج أحمد (3600) والبزار (1816) والطبراني في (الكبير) (8582) وأبن الأعرابي في المعجم (860) والحاكم (3/78) وقال: صحيح الإسناد والقطيعي في زوائد فضائل الصحابة (541) والبيعقي في ( المدخل ) كما في ( نصب الراية) (4/133) – كلهم من طريق أي يكر بن عياش , حدثنا عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود , قال: ( إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم, خير قلوب العباد , فاصطفاه لنفسه , فإبتعثه برسالة , ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد , فجعلهم وزراء نبيه , يقاتلون على دينه , ما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ)


***

وبناء على ما تقدم أقول – وبالله التوفيق

1) يجب على كل مسلم أن يعتقد فضل الصحابة , وانهم افضل الآمة بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم, وقد ثبت في (الصحيحين) وغيرهما, عن جمع من الصحابة – رضي الله عنهم – أن الرسول صلى الله عليه وسلم   قال: ( خير الناس قرني , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم) الحديث.
   وأن يعتقد أن افضل الصحابة , أبو بكر ثم عمر , ثم عثمان, ثم على, ثم بقية العشرة, ثم الذين شهدوا بدرا, ثم الذين بايعوا تحت الشجرة , ثم الذين اسلموا قبل الفتح, ثم الذين اسلموا بعد الفتح, ويقدم المهاجرين على الأنصار, من حديث العموم.
    وروى شعبة عن حر بن صياح عن عبد الرحمن بن الاخنس قال: شهدت سعيد بن زيد بن عمرو ين نفيل عند المغيرة بن شعبة, فذكر من على شيئا , فقال: سمعن رسول الله صلى الله عليه وسلم  , يقول: (عشرة من قريش في الجنة, ابوبكر في الجنة, وعمرو في الجنة, وعلى في الجنة, وعثمان في الجنة, وطلحة في الجنة, والزبير في الجنة, وعبد الرحمن في الجنة, وسعد بن ابي وقاص في الجنة, وسعيد بن زيد بن عمرو)
    والحديث جاء بأكثر من طريق , أحدهما جيد وآخر صالح , لا بأس به , ولفظه: 0عشرة في الجنة.....) فبدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم , ثم ذكر بقية العشرة , منهم سعيد بن زيد – رصي الله عنه – ولم يذكر أبا عبيدة معهم, وقد ذكر في بعض الألفاظ هذا الحديث, والصواب الأول,
     وقد جاء ذكر أبى عبيدة في حديث آخر , وهو حديث عبد الرحمن بن عوف , - رضي الله عنه – وقد صححه بن حبان , والأقرب انه لا يصح.1
       وجاء من حديث ابن عمر – رضي الله عنه – أخرجه الطبراني, ورجاله ثقات, ولكنه غريب من حيث الإسناد , كما نين ذلك الطبراني, والله أعلم.
       وخرج البخاري وغيره عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه , وكان أبوه من أهل بدر, قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: (من أفضل المسلمين ) أو كلمة نحوها , قال: وكذلك من شهد بدر من الملائكة.
      وقال تعالى: )لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18)

       وقال تعالى : ) لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(الحديد: من الآية10)
     2) يلزم مما تقدم من الادلة الدالة على بيان فضلهم: وجوب محبتهم, والاستغفار لهم, والدفاع عنهم وموالاتهم, وان لا يكون في صدور المسلمين غل على الذين امنوا , وعلى رأسهم الصحابة – رضي الله عنهم- قال تعالى: )وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10)
    3) إن من طعن في الصحابة جميعاً وخاصتهم كبراهم , كأبي بكر وعمر – رضي الله عنهم- وانتقص دينهم فقد كفر, قال يحي بن معين: (من شتم عثمان أو طلحة أو أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دجال لا يكتب عنه, وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)2
      واخرج أبو بكر الخطيب في ( تاريخه) من طريق مصعب بن عبد الله , قال: قال لي أمير المؤمنين المهدي : يا أبا بكر , ما تقول فيمن ينقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, : قال: قلت : زنادقة, قال ما سمعت أحد قال هذا قبلك, قال: قلت: هم قوم أرادوا رسول الله بنقص فلم يجدوا أحدا من الأمة يتابعهم على ذلك فتنقصوا هؤلاء , وهؤلاء عند أبناء هولاء , فكأنهم قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم,يصحبه صحابة السوء, وما أقبح بالرجل أن يصحبه صحابة السوء, فقال: ما أراء إلا كما قلت)3 
     وقال احمد الدستري : سمعت أبا زرعة – رحمة الله – يقول: ( إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلم انه زنديق ......)4
     قال ابن تيمية : ( واما من جاوز ذلك إلى أن زعم انهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم, إلا نفرا قليلا يبلغون بضعة عشر نفرا أو انهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضا في كفره, لأنه كذب لما نصه القرآن في غير موضع : من الرصي عنهم, والثناء عليهم, , بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين , فأن مضون هذه المقالة أن نقله الكتاب والسنة كفار أو فساق, وإن هذه الآية التي هي (كنتم خير أمة أخرجت للناس) آل عمران-110) وخيرها هو القرن الأول , كان عامتهم كفرا أو فساقا , ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم , وان سابقي هذه الأمة هم شرارهم, وكفر هذا مما يعلم ,بإضرار من دين الإسلام , ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين انه زنديق.....)
     4) إن ما جاء من الخلفاء الراشدين من أحكام بعد حجة إذا لم يخالف نصا من كتاب او سنة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( .... فأنه من يعيش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين , فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) رواه الترمزي.
     وبالذات ما جاء عن آبي بكر, وعمر,- رضي الله عنهما-
كما اخرج الدرامي بسند صحيح من طريق أبى عيينة عن عبد الله بن أبى يزيد قال: (كان أبى عباس إذا سئل عن الأمر فكان في القران اخبر به, وإذا لم يكن في القران وكان عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم اخبر به, فان لم يكن فعن أبى بكر وعمر, فان لم يكن قال فيه برأيه)
     أما غيرهم من الصحابة- رضي الله عنهم- فلا شك أن أقوالهم في الدين أولى من قول غيرهم ممن أتى بعدهم , لأنهم شهدوا التنزيل, وصحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وهم اعلم الناس بالشريعة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ويلزم من هذا تتبع أقوالهم (5)
    5) ينبغي للمسلمين عامة معرفة أخبار صحابة نبيهم وسيرهم, لان هذا اجلب لمحبتهم, وارغب في موالاتهم, وخير الكتب فذلك بعد كتاب الله عز وجل:
-         كتب السنة- ك (الصحيحين) والسنن- فإن فيها ذكرا لفضائلهم, وبيان لأخبارهم.
-        ومن المصادر المتقدمة التواريخ التي كتبها المحدثون ك (التاريخ الأوسط) للبخاري, (وتاريخ يعقوب بن سفيان).
-        ومن المصادر المتأخرة ( سير أعلام النبلاء) للذهبي, و(الإصابة) لابن حجر, رحم الله الجميع.
6) يستحسن التسمي بأسمائهم , لان في ذلك تذكير بهم, وتقوية الصلة بينهم وبين من بعدهم, وقد ورد أن عليا – رضي الله عنه – سمى بعض أولاده أبا بكر وعمر.
7) أن ما وقع بين الصحابة – رضي الله عنهم- قد علمه الله سبحانه وتعالى, واخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يقع بأخبار الله تعالى له, ومع هذا أثنى الله عز وجل عليهم في كتابه , والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته, فلا مجال للطعن فيهم , أو انتقاصهم.
8) أن الواجب على كل مسلم السكوت عما حصل بين الصحابة – رضي الله عنهم- ودليل ذلك ما تقدم من أدلة , وقد نقل الإجماع على ذلك.
قال عبد الرحمن بن أبى حاتم: (سألت أبى وأبى زرعة عن مذهب أهل السنة, وما أدركنا عليه العلماء في جميع الأمصار – حجازا وعراقا ومصر وشاما ويمنا – فكان من مذهبهم ..... الترحم على جميع اصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله...) ا.هـ
وليس المقصود بالسكوت الامتناع عن ذكر ما جرى بينهم من الناحية التاريخية , بل إن العلماء دونوا ذلك – كأبن جرير, وابن كثير, وابن حجر- ولم يبنوا على ما وقع بينهم قدحا أو طعنا في أحد منهم, أما المقصود بالسكوت: عدم اتخاذ مواقف بناء على ما حدث يتوصل بها للطعن فيهم.
واشتهر عن عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – لما سئل عما جرى بين الصحابة, قال: ( تلك دماء نزه الله سيوفنا عنها, أفلا ننزه ألسنتنا عنها).

  
قال الشيخ / إبراهيم بن يوسف الشنقيطي
ألا إن حب المصطفى صفوة الورى
                وصاحبه في الغار من جاز مفخرا
وحب أبى حفص وعثمان ذي الندى
                 وحيدر الغطريف والستة الذرى
وسائر أصحاب النبي وآله
                 وازواجه في الله من أوثق العرى
ومن كان للصحب الاماجد مبغضا
                 فذاك لعين في الغواية قد جرى

تبرأ منه المسلمون جميعهم

                ودين الهدى من خبث نحلته برا
فنال من الله العقاب معجلا
                 ومثوى بأطباق الجحيم مسعر
هذا والله تعالى اعلم, وصلى وسلم وبارك على نبينا
محمد وعلى اله, وصحبه أجمعين.





                                أملاه عبد الله بن عبد الرحمن السعد



  ينظر كلام البخاري والترمزي على هذا الحديث برقم 2748 عند الترمزي    1
2- التاريخ بغداد (7/137)
3- تاريخ بغداد (10/175)
4- الصارم المسلول (1/591)
5- ينظر: (جامع العلوم والحكم( لابن رجب(2/109) تحت شرح حديث العرباض بن سارية, فقد ساق جملة من الاحاديث والآثار عن السلف في الاحتجاج بما جاء في الخلفء الراشدين, وبالذات عن ابي بكر وعمر رضي الله عنهما, وينظر ايضا: ( الفروق) للقرافي

الأحد، 12 مايو 2013

نكاح المتعة بين الفقه السنّي والفقه الشيعي

خالد بن عبد العزيز السيف    
توطئة
علاقة الذكر بالأنثى بكل أبعادها وتفاصيلها كانت حاضرة في الخطاب الإسلامي والتشريع القرآني على وجه الخصوص، فمن لباس المرأة إلى النظر في حقوقها، والعلاقة المتبادلة بينها وبين الرجل، سواء كانت علاقة شرعية كعقود الأنكحة الأولية، أم كانت غير شرعية قد تنشأ بينهما.
وهذه التشريعات القرآنية جاءت واضحة مفصلة، سواء ما كان منها متعلقاً بالحقوق الزوجية والأسرية، كالمهور، والعشرة الزوجية، والطلاق والعِدد، أو ما كان منها متعلقاً بالحقوق الأخرى، كالميراث والولاية وغيرها، وما جاء في الحديث النبوي فالأمر فيه أكثر تفصيلاً وبياناً، وهذه التشريعات الإسلامية جاءت لتؤكد اهتمام الإسلام بالعلاقات المتبادلة بين الرجل والمرأة، وعلى قمة هرمها العلاقة الزوجية وما يصح منها وما لا يصح.
وقد جاء الإسلام بالحث على الزواج الشرعي، وحث عليه لما فيه من المصالح العظيمة، ولما فيه من السكن والمودة والنسل، ولهذا رتب الشارع على هذا العقد العظيم أموراً عظيمة ً، كالميراث والعدة وغيرها من الحقوق المتبادلة بين الزوجين.

المتعة في المدونات السنية
نكاح المتعة هو: أن يتزوج الرجل المرأة مدة محدودة، مؤقتة بوقت معين، تنتهي علاقتهما بانقضاء هذه المدة، وهذا النوع من النكاح عده العلماء من الأنكحة الفاسدة، واتفق الأئمة الأربعة على تحريمه كما نقل عنهم ذلك الإمام ابن تيمية (1)، وهذا النكاح كغيره من الأنكحة الفاسدة، والتي تقوم على إسقاط شرط من شروط النكاح أو تغيير حكم ثابت في الشرع أو غير ذلك من مفسدات عقود الأنكحة . ويفرق أهل السنة بين إسقاط شرط من شروط النكاح حتى لو كان بتراضي الزوجين ؛ أو إسقاط حق من الحقوق المتبادلة بين الزوجين باتفاقهما وتراضيهما وسيأتي بيان ذلك قريباً .
والجدل الحاصل في نكاح المتعة بين أهل السنة والشيعة سببه أن النبي –صلى الله عليه وسلم - رخص في نكاح المتعة في وقت من الأوقات ثم حرمها، فاستمر الشيعة على عدم النسخ، وأجرى أهل السنة نسخ الحكم كما صحت الأحاديث به، على أن هناك فروقاً في جوهرية انعقاد زواج المتعة على القول بجوازه عند أهل السنة والشيعة سيأتي بيانه.
ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه - قال: "كنا نغزو مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم - ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا رسول الله –صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ثم أمرنا أن ننكح المرأة في الثوب إلى أجل" (2)، وقولهم للنبي –صلى الله عليه وسلم -: "ألا نستخصي؟" دليل على أن المتعة كانت محظورة قبل أن يباح لهم الاستمتاع بها، ولو لم تكن محظورة لم يكن لسؤالهم هذا معنى، ثم رخص لهم في الغزو أن ينكحوا المرأة بالثوب إلى أجل، ثم نهى عنها عام خيبر، فقد جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- أن النبي–صلى الله عليه وسلم - "نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية" (3)، ثم أذن فيها عام الفتح، ثم حرمها بعد ثلاث إلى يوم القيامة، فقد جاء في صحيح مسلم أيضاً عن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني عن أبيه أنه غزى مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة، فقال: "يا أيها الناس، إني كنت قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فيخلِّ سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً" (4)، وهذا التحريم كان نهائياً، بدليل قوله –صلى الله عليه وسلم -: "وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة"، وقد قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- :"لا أعلم شيئاً أحله الله ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه إلا المتعة" (5).
ومما يدل أيضاً على تحريم المتعة قوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون*إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين" [سورة المؤمنون: 4-5 ، المعارج: 29-30] في موضعين من القرآن، ولم يذكر الله تعالى زواج المتعة, ولو كان حلالاً لذكره هنا، وقال تعالى أيضا: "ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات.." إلى أن قال: "ذلك لمن خشي العنت منكم" [سورة النساء:25]، أي أن من لم يستطع نكاح الحرة فلينكح الأمة, ولو كانت المتعة جائزة لأرشد إليها، فهي خير من نكاح الأمة، لأن نكاح الأمة يسبب رق الأولاد منها، وخاصة بعد أن ذكر العنت وهو المشقة مع عدم الزوجة، وقال تعالى أيضاً: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله" [سورة النور:33]، ولو كانت المتعة جائزة لأرشد إليها حتى يتيسر النكاح المعروف, وقال تعالى في سياق تعدد الزوجات: "..فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم.."[سورة النساء:3]، فمن خاف عدم العدل فليتزوج واحدة أو يستمتع بما ملكت يمينه، ولو كانت المتعة حلالاً لذكرها الله سبحانه في هذا الموضع.
ولم يُروَ في جواز المتعة عن أحد من العلماء ممن يعتد به إلا ما روي عن ابن عباس –رضي الله عنه-، وقد فهم ابن عباس أن الرخصة باقية للمضطر, فعن أبي جمرة قال: "سمعت ابن عباس –رضي الله عنه- يسأل عن متعة النساء فرخص فيها، فقال له مولى له: إن ذلك في الحال الشديدة، وفي النساء قلة ونحوه ، فقال ابن عباس: نعم" كما جاء ذلك عند البخاري، ومع أن ابن عباس لم يحكم بإباحتها مطلقاً وأنه قال هي للمضطر، وقد قيل لابن عباس: "لقد سارت بفتياك الركبان، وقال فيها الشعراء"، يعني المتعة، فقال: "والله بهذا أفتيت وما هي إلا كميتة لا تحمل إلا للمضطر" (6).
ولكن كبار الصحابة عارضوه في قوله هذا, ولم يعتبروا فتواه، وأنكروا عليه بشدة، كعلي بن أبي طالب –رضي الله عنه -، وقد قيل له: "إن ابن عباس لا يرى في متعة النساء بأساً"، فقال:"إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم - نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية"، كما جاء ذلك في البخاري، وكذلك أنكر عليه عبد الله بن عمر –رضي الله عنه-، ونقل الترمذي والطبراني أنه رجع عن فتواه هذه أخيراً .
وقد نقل ابن حجر أيضاً أنه رُوِيَّ رجوعه عن فتواه هذه (7), ونقل القرطبي عن ابن العربي جزمه بثبوت رجوع ابن عباس عن فتواه في المتعة (8), وذكر الترمذي بعد حديث علي المعروف في النهي عن المتعة قال: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم - وغيرهم, وإنما روي عن ابن عباس شيء من الرخصة في المتعة ثم رجع عن قوله، حيث أُخبر عن النبي–صلى الله عليه وسلم -" (9).
وقد يكون ابن عباس قبل رجوعه لم يبلغه المنع، حيث كان يبيح متعة النساء ولحوم الحمر الأهلية جميعاً، كما ذكر ابن تيمية (10)، أو فهم من المنع فهماً آخر, وهذا وارد في غالب النصوص واختلاف الصحابة موجود ، ولكن العبرة بما وافق النص، وقد انعقد الإجماع بعد ابن عباس على تحريمها من جمع من العلماء، وحكاه غير واحد من أهل العلم، منهم الخطابي، والقاضي عياض، وابن عبد البر، وغيرهم كثير، والعبرة بالدليل وما عليه جماعة الأمة (11).
والمتعة التي كانت في صدر الإسلام متحققة فيها شروط النكاح الشرعي المعروفة، وهي تعيين الزوجين ورضاهما وتوفر الولي والإشهاد، إلا أن نكاح المتعة يزيد عليه بتحديد مدة للنكاح وأن النكاح ينفسخ بانقضائها، وقد يلتبس نكاح المتعة المنسوخ في أول الإسلام مع ما عليه المذهب الشيعي، لكن المذهب الشيعي لا يشترط الولي ولا الإشهاد على النكاح، وهذا لم يكن موجوداً قط في الإسلام، وقد قال الإمام القرطبي: "من قال المتعة أن يقول لها: أتزوجك يوماً ـ أو ما شابه ذلك ـ على أنه لا عدة عليك ولا ميراث بيننا ولا طلاق ولا شاهد يشهد على ذلك؟! وهذا هو الزنا بعينه، ولم يبح قط في الإسلام"، وقال أيضاً وكل ما حكي عن أن نكاح المتعة قبل النسخ كان بلا ولي ولا شهود ففيه ضعف" (12).
وقد قال الله تعالى في أمر الولي: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم.." [سورة النور (32)]، وقال: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن.." [سورة البقرة: 232]، ولو لم يكن للأولياء حق الولاية لما خوطبوا بذلك، وقد قال الشافعي -رحمه الله تعالى- في هاتين الآيتين: إنهما أصرح آيتين في اعتبار الولي في النكاح (13).
وأما في السنة، فأحاديث اشتراط الولي في النكاح كثيرة، منها ما جاء في السنن عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي –صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" (14)، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تزوج، أو زوّج أحداً بدون ولي .
وشرط الولي في النكاح، هو: مذهب الإمام الشافعي، ومالك، وأحمد، والشعبي، والزهري، وجماهير أهل العلم (15).
وأما بالنسبة للإشهاد على النكاح فمن العلماء، -كالإمام مالك رحمه الله تعالى – من صحح النكاح بغير شهود إذا أُعلن، بناءً على أن الزيادة في حديث: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" لا تصح (16)، وأن الإشهاد لا يشترط بعينه، فإما الإشهاد وإما إعلان النكاح، ولأن الحكمة من الإشهاد التفريق بين النكاح الصحيح، والسفاح المبني على الخفية ، وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (17).
ومن العلماء من اشترط الإشهاد كالشافعي ، والمشهور عن الإمام أحمد، وجماهير أهل العلم . على أن جميع العلماء الذين اشترطوا الإشهاد أو لم يشترطوه اتفقوا على أنه لا يجوز نكاح السر (18)، ولذلك جاء ت الأحاديث بالأمر بإعلان النكاح حتى يفترق عن السفاح ، كما جاء عن النبي صلى الله غليه وسلم :" أعلنوا هذا النكاح، واضربوا عليه بالدف " (19) .
وعلى جميع الأحوال فالمتعة التي كانت في صدر الإسلام مع أنها قد اكتملت فيها شروط النكاح الشرعي، إلا أن الترخيص فيها جاء على نطاق ضيق، وفي السفر لا في الحضر، كما تشهد بذلك الأحاديث الصحيحة.

المتعة في المدونات الشيعية
كثرت المرويات في المدونات الشيعية حول المتعة، فمنها ما يتعلق بفضيلتها وأجر المتمتع، ومنها ما يتعلق بأحكامها، والقارئ في تلك المدونات يذهل من كثرة المرويات في أمر المتعة، حتى إنه يحتار أي المرويات أبلغ في صراحتها في الدلالة على المذهب، وهذه المرويات أشهر من أن تذكر، ولذا فسأكتفي بالإحالة عليها في الحاشية، خصوصاً ما يتعلق منها بالنواحي التشريعية ومن المدونات الشيعية نفسها .
فالمتعة عند الشيعة تختلف اختلافاً تاماً عما كان عليه الأمر في صدر الإسلام، فلا يلزم في المتعة الشيعية شهود، ولا إعلان، ولا ولي، ولا يشترط فيها عندهم سوى تسمية المهر، وذكر الأجل وصيغة الإيجاب والقبول (20).
ويجوز على المذهب الشيعي التمتع بذات الزوج! وسؤالها هل لها زوج ليس شرطاً في الصحة ، وسؤالها بعد العقد مكروه (21)،ويجوز التمتع بالزانية أيضاً، كما نص على ذلك الإمام الخميني (22)، مخالفين بذلك قول الله عز وجل: "الزاني لا ينكِح إلا زانيةً أو مشركةً والزانية لا ينكِحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحُرم ذلك على المؤمنين" [سورة النور: 3]، وأيضاً يجوز التمتع بالصغيرة دون تسع سنين، بشرط عدم الإيلاج (23).
وليس للرجل حد في عدد النساء اللاتي يجوز له التمتع بهن، بل له عدد غير محصور من النساء، والمتعة عند الشيعة أقرب إلى الزنا والدعارة، منها إلى أحكام الشريعة الإسلامية، بل إن الزنا غالباً ما يكون عن عوض وعن تراضٍ بين الطرفين، فلا يمكن والحالة هذه التفريق بين الزنا وبين المتعة التي رتب المذهب الشيعي عليها الفضائل العظيمة.
وتوسعُ المذهبِ الشيعي في أمر المتعة راجع إلى اعتبارات عديدة، من أهمها والمتعلق بهذا السياق: حضور الطرح الجنسي في المدونات الشيعية بشكل ظاهر، والمتعة حلقة في هذه المنظومة الجنسية التي يفترض أن يُنزه عنها فقه آل البيت.
فالتوسع في الجانب الجنسي لدى الشيعة في مدوناتهم ظاهر، فمن ذلك إجازة المذهب الشيعي وطأ المرأة في الدبر (24)، وأما وطأ الحائض، فالأفضل أن يكفر عن وطئها في الحيض مع علمه بذلك (25)، أما الأجنبيات فيجوز عندهم النظر إلى الحسناوات من النساء (26)، ويجوز أيضاً النظر إلى نساء أهل الذمة لأنهن بمنزلة الإماء، لكن يشترط عدم التلذذ!! (27)، وأما النظر إلى أجساد السافرات المتبذلات فيجوز، لكن بشرط عدم التلذذ أيضاً !! ولا فرق في الحكم بين الأعضاء المنظور إليها، ولا فرق أيضاً بين الكافرات وغيرهن (28)، ولا بأس بالخلوة بالمرأة الأجنبية بشرط أمن الفساد (29)، ويجوز على المذهب الشيعي أيضاً إعارة الفرج (30).
وهذه المرويات تزخر بها كتب الشيعة، وإن كان بعض فقهائهم يضعفها، إلا أن تواردها على الفقه الشيعي سواء الشعبي منه أم النخبوي، يشكل ضغطاً لا شعورياً في التوسع في أمر الأبضاع والفروج، والميل إلى ترجيح مسائل من هذا النوع، مما يصعب على المتجرد القول به، كبعض ما ذكر من الأحكام المتعلقة بنكاح المتعة، أضف إلى ذلك مسألة حظ النفس وحب اللذة، والذي يمارس دوره أحياناً في توجيه الترجيح الفقهي إلى ما تنزع إليه الغريزة، وقد كشف بعض علماء الشيعة التصحيحيين جوانب مظلمة من الممارسات الجنسية، والتي تمارس باسم المتعة، وبممارسة فقهاء الشيعة أنفسهم (31).

موازنة
مما سبق بيانه حول نكاح المتعة عند السنة والشيعة، يتبين لنا إلى أي حد يفترق العقدان، بل نستطيع أن نقول: هما من باب المشترك اللفظي الذي لايشترك إلا في الاسم فقط، أما الحقيقة فمتباعدان جداً.
ومع أن الفقه الشيعي استغنى بما يرويه عن أئمة آل البيت في المتعة، إلا أنه ربما شوش على بعض السنة في إباحة المتعة في القرآن، وذلك في قوله تعالى: "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن.." [سورة النساء: 24] ، على أن هذا الحرف من القرآن يبيح المتعة، وهذا الاستدلال فيه نظر، ويتبين فساد هذا الاستدلال عندما نطلع على الآية كاملة، يقول الله تعالى: "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلك أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليماً حكيماً*ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من عض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أُحصِنَّ فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم" [سورة النساء: 24ـ25]، فالأجور المقصود بها المهور، كما جاء في غير آية من القرآن، كقوله تعالى في شأن جواز نكاح الكتابيات : " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين " [ المائدة : 5 ] وقال تعالى أيضاً : " يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن ... " [ الأحزاب : 50 ] وقال تعالى في شأن المهاجرات : " يا أيها الذين امنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ..." [ الممتحنة : 10 ] فرتب الله سبحانه وتعالى النكاح على دفع الأجور، وهي: المهور، وطريقة التقديم والتأخير جائزة في اللغة، ويكون المعنى فآتوهن أجورهن إذا استمتعتم بهن أي إذا أردتم ذلك، كما في قوله تعالى : " إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا … " وها معروف في اللغة .
ومما يبين أن القول في الآية "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن " لا يعني المتعة كما هي عند الشيعة، بل المقصود به النكاح الشرعي المعروف ، ولذلك قال في الآية التي بعدها وفي نفس السياق :" فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف .." ومعلوم أن النكاح بإذن الأهل، هو: النكاح الشرعي المعروف، الذي لا ينعقد إلا بالولي والشاهدين ، وأما نكاح المتعة فلا يلزم إذن الأهل، ولا يلزم الشهود والإعلان، كما مر تقريره عند علماء الشيعة . ومعنى الآية فما انتفعتم وتلذذتم بالجماع من النساء بالنكاح الصحيح، فآتوهن أجورهن، أي مهورهن فإذا جامعها مرة واحدة فقد وجب المهر كاملا ( كما ذكره القرطبي (32)، أما إذا طلقها قبل أن يستمتع بها ـ أي يجامعها ـ فلها نصف الأجر أي نصف المهر كما قال تعالى :" وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح .." [ البقرة : 237 ] .
ولهذا فاستدلال الشيعة بهذه الآي ليس في محله، والمتعة التي كانت في صدر الإسلام كانت بولي وشهود، ولا ينعقد النكاح إلا بذلك، كما سبق بيانه والاستدلال عليه، ولم يوجد في الإسلام متعة دون ولي أو إشهاد ، أما متعة الشيعة فلا يجب فيها إلا تسمية المهر والأجل، دون ولي ودون إشهاد، وكانت عدة المطلقة من نكاح المتعة، حيضة واحدة، كما هو رأي ابن عباس، وهو الذي كان يقول بها قبل رجوعه (33)، أما متعة الشيعة فالظاهر من سياق أحكامها ألا عدة فيها على المطلقة.
وبهذا يسقط ادعاء كل من ادّعى أن أهل السنة يمارسون نكاح المتعة مع حذفهم لكلمة (متعة) لما تثيره من حساسية، معتبرين أن الزواج الذي يتفق فيه الطرفان على التنازل عن بعض الحقوق، والذي أجازه المجمع الفقهي في دورته الثامنة عشرة هو زواج المتعة، وهذه مراوغة في التوصيف، تحاول تمرير التشويش، تحت غطاء التدليس (34).

أخيراً
المتعة الشيعية لا يمكن تمييزها من الزنا، إلا بأنها مشروعة من قبل فقهائهم، ومدعمة بمرويات عن آل البيت، مع أن علماء أهل البيت والأئمة منهم أجل وأرفع من أن يجيزوا هذه الصورة البعيدة عن تشريعات الإسلام، خصوصاً المتقدمين منهم، وعلى رأسهم علي –رضي الله عنه- وابناه الحسن والحسن، وابناه محمد وجعفر الصادق، وهؤلاء من أكابر الأئمة، وبعضهم من رجال البخاري ومسلم، فالأولى بفقهاء الشيعة أن ينزهوا الأئمة عن هذه المرويات المكذوبة عليهم قطعاً.
مع العلم أنه قد روي عن الأئمة من آل البيت ما يحرم نكاح المتعة، ومسألة المتعة كغيرها من المسائل في الفقه الشيعي التي تتضارب فيها المرويات، فقد جاء عن الإمام الصادق في المتعة قال: "ذلك زنا"، وعن الباقر قال: "هي الزنا بعينه"، وروى الكليني بإسناده عن المفضل ابن عمر قال سمعت أبا عبد الله يقول: "دعوها، أما يستحي أحدكم أن يُرى في موضع العورة، فيُحمل ذلك على صالحي إخوانه وأصحابه" (35)، وعن الصادق أيضاً أنه سئل عن المتعة فقال: "وما تفعلها عندنا إلا الفواجر" (36)، والزيدية يظهرون القول بالتحريم، فقد جاء عن الإمام زيد عن آبائه عن أمير المؤمنين قال: "حرم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة" (37)، وقد أظهر الإمام علي تحريم المتعة، خصوصاً أيام خلافته، وهو مبسوط اليد ولا يمكن أن يكون ذلك تقية.
والدليل القطعي على حرمة نكاح المتعة عند أهل الدليل من الشيعة، أن الأئمة من آل البيت لم يكن واحد منهم ابن متعة، ولا أحد من أولادهم أو ذرياتهم، وذلك على امتداد مدة زمنية تصل إلى ثلاثة قرون، مع أنهم عقدوا مئات الزيجات وأنجبوا منها مئات الأولاد ذكوراً وإناثاً، وكتب الأنساب مع حرصها على ذكر الأئمة وتعداد زوجاتهم وذراريهم لم تذكر أن واحداً منهم كان ابن متعة، أو أنه تمتع بفلانة، مع أنهم كانوا ينصّون على أن أم فلان كانت حرة، أو أم ولد، ولو كانت المتعة جائزة لمارسها الأئمة، خصوصاً مع ما روي عنهم في فضائلها، كما ورد عنهم أن من تمتع أربع مرات كانت درجته كدرجة الرسول –صلى الله عليه وسلم -، أيضاً فإن المرويات لم تذكر عن أحد أنه تمتع بامرأة من آل البيت.
مع أنه من الملاحظ بشكل عام أن من يفتي بجواز المتعة ويعدد فضائلها لا يرضاها لبناته وأخواته، بل قد يكون طلب ذلك مما يثير الصراع ويؤجج العداوة، مع أنهم يروون فيها الفضائل العظيمة!
وعلى هذا فالمهمة تقع على عواتق علماء الشيعة في تنزيه علماء آل البيت عن الروايات المكذوبة في المتعة وغيرها، والتجرد في الترجيح وإبعاد حظوظ النفس في تتبع ما يصح من الدليل
ومما يبرر حضور القول بجواز المتعة أنه يمكن أن يوصف به نوع من إثبات الهوية، ومعروف في الفقه الشيعي وجاهة الآراء المخالفة لأهل السنة وتقديمها، فمجرد المخالفة قرينة إيجابية في الترجيح بين الروايات والآراء، وحيث إن ما اشتهر به المذهب السني من القول بحرمتها كان إثباتها من الطرف الشيعي نوعاً من المخالفة، لإثبات الهوية، أكثر من كونه تمسكاً بالدليل، ولذلك ظهرت بعض الروايات عن الإمام جعفر الصادق أنه قال : " ليس منا من لم يؤمن بكرتنا ويستحل متعتنا " (38)، كنتيجة للصراع الدائر بين السنة والشيعة، طبعاً هذا يقال في اللاشعور الشيعي، فيبقى القول بجواز المتعة هو الظاهر المشهور، ونزل القول بالتحريم من المتن إلى الهامش .

(1) انظر: مجموع الفتاوى 32/107.
(2) أخرجه مسلم في النكاح باب نكاح المتعة ح (1404)
(3) أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة خيبر ح(3979)، ومسلم في النكاح، باب نكاح المتعة ح(1407) وغيرهما، مع أن حديث علي مروي في المدونات الشيعية.وسيأتي بيانه .
(4) أخرجه مسلم في النكاح باب نكاح المتعة ح(1406)
(5) انظر: المغني 10/47.
(6) انظر: فتح الباري (9/171)، وانظر البيهقي في النكاح: باب نكاح المتعة (7/205).
(7) انظر: فتح الباري (9/173).
(8) انظر: الجامع في أحكام القرآن للقرطبي (5/87).
(9) انظر : سنن الترمذي (3/430).
(10) انظر : مجموع الفتاوى (33/96).
(11) انظر : فتح الباري (9/173) .
(12) انظر : الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(5/87) .
(13) انظر : حاشية الروض المربع (6/462).
(14) أخرجه أبو داود في النكاح باب في الولي ح(2083) والترمذي في النكاح باب ما جاء لا نكاح إلا بولي ح(1102) وابن ماجة في النكاح باب لا نكاح إلا بولي ح(1879)، وصححه ابن حبان 9/384 والحاكم (2/182) وابن حجر في التلخيص (2/156 ، 157).
(15) انظر : حاشية الروض المربع (6/262).
(16) انظر : نصب الراية (3/181) .
(17) انظر : مجموع الفتاوى (32/127).
(18) انظر : بداية المجتهد ونهاية المقتصد ( 2/ 20) .
(19) أخرجه الترمذي في النكاح باب ما جاء في إعلان النكاح ح(1089)
(20) انظر: جامع الأحكام الشرعية (410)
(21) انظر: وسائل الشيعة للعاملي (14/457). تحرير الأحكام للعلامة الحلي (3/522 ، 523) .
(22) انظر: تحرير الوسيلة للخميني (2/292). تحرير الأحكام للعلامة الحلي (3/519) .
(23) انظر: جامع الأحكام الشرعية (405)، وقد أجاز الخمنيني ذلك ومارسه فعلياً لما كان في العراق، بل إنه أجاز التمتع حتى بالرضيعة! انظر: لله ثم للتاريخ للسيد حسن الموسوي ( 35 ).
(24) نظر: المسائل المنتخبة للسستاني (42).
(25) انظر: المسائل المنتخبة للسستاني (42).
(26) انظر نهاية المرام للسيد محمد العاملي( 56 ،58) .
(27) انظر: نهاية المرام للسيد محمد العاملي (53 )
(28) انظر: المسائل المنتخبة للسستاني المسألة (404).
(29) انظر: المسائل المنتخبة للسستاني المسألة (406).
(30) انظر: المقنع للشيخ الصدوق (308) ، المبسوط للشيخ الطوسي( 4/246) .
(31) انظر ما كتبه السيد حسين الموسوي وهو من علماء النجف في كتابه : لله ثم للتاريخ ، وأيضاً ما كتبه الإمام محب الدين عباس الكاظمي في كتابه : سياحة في عالم التشيع ، وأيضاً ما كتبه موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح وغيرهم كثير .
(32) انظر : القرطبي في أحكام القرآن ( 5/ 129) .
(33) نظر: الجامع لأحكام القرآن (5/87).
(34) انظر ما ادعاه حسن الصفار في جريدة الوطن عدد: ( 2049 ) في 12/4/1427 هـ
(35) انظر:خلاصة الإيجاز للشيخ المفيد 57 ، جواهر الكلام للشيخ الجواهري (30/ 151).
(36) انظر: زواج المتعة للشيخ جعفر مرتضى (2/ 133) ، وسائل الشيعة للحر العاملي(21/ 30) .
(37) انظر : وسائل الشيعة (21/12).
(38) انظر : من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق (3/458).

وقفة مع روايات الشيعة التي تقول كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين

هنا كلام أهل البيت في النهي عن الأمور المنكرة عند المصائب في هذا الرابط :

http://quraan-sunnah.yoo7.com/t108-topic

[[ وليس الموضوع الذي نحن بصدده عن البكاء فهذا أمر آخر ]]

الذي يهمنا هنا الآن ما يستدل به الشيعة على استحباب أو جواز

(( إظهار الجزع بضرب النفس وشد الشعر وغيرها من الأمور المخالفة للشرع وللعقل و الفطرة الإنسانية وكلام أهل البيت أنفسهم ! ))


يقول الشيخ الشيعي ( محمد السند ) ما هو الجزع ؟

يقول : " الجزع في الشعائر الحسينيّة :
الجزع هو غير الحزن وغير البكاء . . إذ أنّ الجزع في اللغة هو شدّة الحزن وعدم التصبّر ، أو هو نوع من إبداء التفجّع الشديد ، بشقّ الجيب ونتف الشعر وضرب الرأس ، وخمش الوجوه ، أو الصراخ الشديد . وهذه كلّها تعبيرات عن معنى الجزع باللازم ، وإلاّ فإنّ معنى الجزع : هو إظهار المرء للألم الشديد عند الحزن بصخب وتفاعل ساخن . . هذا هو الجزع "
من كتاب الشعائر الحسينية ص 260

واستدل الشيعة الإمامية على هذا الأفعال ببعض

الروايات سأذكرها ثم أبين أنها إما مكذوبة أو ضعيفة

من كتب الشيعة أنفسهم و لا تصلح لمخالفة عموم

نهي أهل البيت الكرام عن النياحة

و الأفعال الغير جيدة عند المصائب :

****

الرواية الأولى :

1 ـ جعفر بن محمد بن قولويه في (المزار) عن أبيه، عن سعد ابن عبد الله، عن أبي عبد الله الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ما خلا البكاء على الحسين بن علي عليهما السلام فإنه فيه مأجور.

وهي مكذوبة لما يلي :

1- أبو عبد الله الجاموراني
في كتاب المفيد ملخّص أقوال الخوئي :
" وعلى كل حال هو ضعيف " ص496 .

2- الحسن بن علي بن أبي حمزة وهو البطائني
قال الخوئي :
" يكفي في ضعف الحسن بن علي بن أبي حمزة
شهادة الكشي بأنه كذاب "
معجم الرجال 6 / 19 .

3- علي بن أبي حمزة وهو البطائني والد الحسن الكذاب السالف الذكر , قال ابن الغضائري : " عليُّ بنُ أبي حَمْزة - لَعَنَهُ اللهُ - أصلُ الوَقْفِ ، وأشَدُّ الخَلقِ عَداوَةً لِلوَلِيِّ من بَعْدِ أبي إبْراهيْم ( عليهما السلام ) " رجال ابن الغضائري ص 83 رقم ( 107 ) , فالرجال كما نص ابن الغضائري أشد الناس عداوة للمعصوم , فهو ناصبي بجدارة ! , وقال الخوئي : " علي بن أبي حمزة كذاب على ما ذكره الشيخ [ الطوسي ] " كتاب الإجارة الأول ص 388 .

هو سند متخلل بالضعف و الكذب و النصب !! .

****

الرواية الثانية

كامل الزيارات ص 203 .

2 ـ وعن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد، عن الاصم، عن مسمع بن عبد الملك قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام ـ في حديث: ـ أما تذكر ما صنع به يعني بالحسين عليه السلام؟ قلت: بلى، قال: أتجزع ؟ قلت: أي والله، وأستعبر بذلك حتى يرى أهلي أثر ذلك علي، فأمتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي، فقال: رحم الله دمعتك أما إنك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، أما إنك سترى عند موتك حضور آبائي لك، ووصيتهم ملك الموت بك وما يلقونك به من البشارة أفضل، ولملك الموت أرق عليك وأشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها (إلى أن قال ما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه، فإذا سال دموعه على خده، فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لاطفأت حرها حتى لا يوجد لها حر، وذكر حديثا طويلا يتضمن ثوابا جزيلا، يقول فيه: وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر، وسقيت منه مع من أحبنا.

أقول ويكفي لإثبات كذب الرواية قوله :

(( فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لاطفأت حرها حتى لا يوجد لها حر ))

وهو من المبالغات الممجوجة والتي تدل على عدم صدورها عن أهل البيت الكرام

ومع التجاوز عن ذلك نقول السند لا يثبت لما يلي :

1- علي بن محمد بن سالم قال الشاهرودي في المستدركات
( لم يذكروه ) 5 / 448 , وهذا يدل على جهالته .

2- ومن هو شيخ علي بن محمد المدعو ( محمد بن خالد ) ؟

لعله البرقي كما جاء في الوسائل :

( 19684 ) 9 - وعن محمد بن عبد الله الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمد بن سالم ، عن البرقي عن عبد الله بن حماد ، عن الأصم ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سمعه يقول : من زار الحسين يريد به وجه الله أخرجه الله من ذنوبه كمولود ولدته أمه وشيعته الملائكة في مسيره ..... " 14 / 498

فإن كان هو البرقي قال عنه النجاشي في رجاله :

" وكان محمد ضعيفا " ص 335 .

3- الأصم هو عبد الله بن عبد الرحمن
(ضعيف غال ليس بشئ ) , قال النجاشي :
" ضعيف غال ليس بشئ " ص 217 .

****

الرواية الثالثة :

3 ـ محمد بن الحسن، في (المصباح) عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة عن أبيه، عن علقمة (1)، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث زيارة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء من قرب وبعد ـ قال: ثم ليندب الحسين عليه السلام ويبكيه، ويأمر من في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه، ويقيم في داره المصيبة باظهار الجزع عليه، وليعز بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين عليه السلام، وأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله عزوجل جميع ذلك يعني ثواب ألفي حجة، وألفي عمرة، وألفي غزوة ـ قلت: أنت الضامن لهم ذلك والزعيم؟ قال: أنا الضامن والزعيم لمن فعل ذلك، قلت: وكيف يعزي بعضنا بعضا ؟ قال: تقول: عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه والإمام المهدي من آل محمد، وإن استطعت أن لا تنشر يومك في حاجة فافعل .

وفي السند :

* صالح بن عقبة الكذاب يعتبر ضعفه وكذبه

شبه المفروغ منه عند علماء رجال الشيعة :

قال الحلي في تحرير الأحكام : ( كذاب غال لا يلتفت إليه )
ج5 ص 613 في الطرف الثاني ( أبطال المنافع )

قال الشهيد الثاني في مسالك الأفهام عن رواية فيها صالح بن عقبة : ( وفي طريق الرواية ضعف فإن صالحا كذاب ) ج 15 ص 452 في ( تعريف الشجاج ) .

وقال المحقق الأدربيلي في مجمع الفائدة ج 14 ص 445 في ( دية البول )
قال : ( وأيضا سنده كما ترى فإن ( صالح ) قيل كذاب وضاع غال ) .

وقال محمد العاملي : ( وهذه الرواية ضعيفة السند بجهالة الراوي , وبان من جملة رواتها صالح بن عقبة , وقيل إنه كان كذابا غاليا لا يلتفت إليه ) في مدارك الأحكام ج 8 ص 361 في ( حكم من شرب من لبن ظبية )

وقال المحقق السبزاوي في كتابه ذخيرة المعاد : ( صالح بن عقبة وهو ضعيف ) ج1ق2 – ص 252 في ( بحث في الأذان والإقامة ) .

وقال الفاضل الهندي في كشف اللثام : ( صالح بن عقبة , وهو كذاب غال لا يلتفت إليه ) ج 6 ص 396 في مباحث ثلاثة الأول يحرم الحرم والإحرام الصيد البري .

قال الشيخ الجواهري في جواهر الكلام : ( مع أن خبر أبي مريم معروف في غاية الضعف , لمعروفية صالح بن عقبة بالكذب ) ج 9 ص 50 في حكم المنفرد إذا أذن ثم أراد الجماعة .

قال محمد باقر الصدر في شرح العروة الوثقى : ( الروايات الثلاثة ضعيفة لضعف صالح بن عقبة الموجود في سندها ) ج 4 ص 253 في اشتراط الطهارة في الأذان والإقامة .

وقال هاشم معروف الحسني في دراسات في الحديث والمحدثين ما نصه : ( صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان , جاء في نقد الرجال أنه كان من الغلاة الكذابين , لا يلتفت إلى أحاديثه , وأكد ذلك في الخلاصة , ولم يرد عن أحد من المؤلفين في الرجال ما يشير إلى جواز الاعتماد على مروياته , أو وثاقته ) ص 196 .

قال ابن الغضائري : ( كذاب غال لا يلتفت إليه ) ص 69

قال الميرزا أبو الحسن الشعراني في تعليقه على شرح أصول الكافي للمازندراني ما نصه : ( صالح بن عقبة كذاب غال ملعون باتفاق علماء الرجال ) ج 7 ص 133 في ( باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية ) عند شرحه لحديث : ( أبي جعفر قال : إن الله خلق الخلق , فخلق ... ) .


****

الرواية الرابعة :

في أمالي الطوسي ص 161 .

4 ـ الحسن بن محمد الطوسي، عن أبيه، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الأنصاري، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين (عليه السلام) .


• في السند ( أبو محمد الأنصاري ) عدّه ابن داود في رجاله في كنى الضعفاء
برقم ( 27 ) فهو ضعيف عنده .

ومع ضعف السند هناك علة أخرى في الكتاب نفسه وهو أمالي الطوسي
قد تشكك آصف محسني في ثبوت الكتاب عن الطوسي !
بحوث علم الرجال طبعة الرابعة ص 514 , و مشرعة البحار 1 / 405
بل عد رواياته غير معتبرة في المشرعة 1 / 14 .

****

الرواية الخامسة :

5 - قال الطوسي في تهذيب الأحكام 8 / 325

وفي وذكر أحمد بن محمد بن داود القمي في نوادره قال : روى محمد بن عيسى عن أخيه جعفر بن عيسى عن خالد بن سدير أخي حنان بن سدير قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل شق ثوبه على أبيه أو على أمه أو على أخيه أو على قريب له فقال : لا بأس بشق الجيوب . قد شق موسى بن عمران على أخيه هارون ، ولا يشق الوالد على ولده ولا زوج على امرأته ، وتشق المرأة على زوجها وإذا شق زوج على امرأته أو والد على ولده فكفارته حنث يمين ولا صلاة لهما حتى يكفرا ويتوبا من ذلك ، وإذا خدشت المرأة وجهها أو جزت شعرها أو نتفته ففي جز الشعر عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا ، وفي الخدش إذا دميت وفي النتف كفارة حنث يمين ، ولا شئ في اللطم على الخدود سوى الاستغفار والتوبة ، وقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي عليهما السلام ، وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب .

قلت : وهو سند تالف :

1- أحمد بن محمد بن داود القمي في المفيد

( مجهول ) ص42

2- خالد بن سدير قال في المفيد ( مجهول ) ص 205

* كما ترى أخري الحبيب ضعف و بطلان
بعض الأدلة التي استدل بها الشيعة هداهم الله من كتبهم
لإثبات النياحة و اللطم و فعل الأمور المخالفة لمنهج
أهل البيت الكرام التي في تعاملهم مع المصائب وعليه
فالنهي عن الجزع و النياحة و ضرب النفس عام وثابت
عن أهل البيت لا نرده لبعض الأحاديث المنكرة هنا أو هناك .


كتبه الحوزوي - و الحمد لله على كل حال